افكار ليست للبيع

افكار ليست للبيع

د. المؤرخ والاقتصادي والدبلوماسي السابق حسن الزيدي

 1-بحكم كون المرء (امرئة ورجل )هما من بين الحيوانات اوالكائنات الحية واكثرتكاملا فيهاوبينها من حيث التكوين الجسدي الفلسيولوجي فانهما لا بد لهما ان يستعملان بنسب متباينة ومتفاوتة (عقليهما) وبقية حواسهما النطقية والرؤيوية (البصرية )والسمعية واعضاء اجسامهما من يدين ورجلين من اجل اولاجل تلبية متطلباتهما وحاجاتهما الطبيعيةالاساسية والظرورية المطلقة التي يحسان بها من جوع وعطش وبرد وجنس وغرائز اخرى اي.. ان الحاجات والظرورات الاساسيه هي التي تحرك وتقود العقل البشري الذي كلما تم استعماله واستخدامه استخداما افضل وامثل كلما كانت النتائج التي يحصل عليها المرئ شبه مضمونة وباقل وقت وجهد وتكاليف

و2-وهذا يتطلب منها / منه استعمال (المنطق) واقرارمفهوم واسلوب ومبدئا (النسبية والقياس) على تجارب سابقة قاما بهما من قبل اوشاهدا من قام بها اوعرفاها بطرق اخرى

 و3- سيجدان هذه المرئة والرجل بانهما بحاجة لمقرات كهوف او اكواخ او بيوت يلجؤون لها ولادوات يصنعونها وارض يحرثونها  ويحتاجون للتعاون والتعاضد والتعايش مع اخرين ليشكلان معهم قوة وكتلة وجماعة وقبيلة وشعب وامة صغيرة /كبيرة العدد ..ويخلقون لانفسهم وبمرور زمن طويل / قصير (لغة) اشارات واصوات وحروف يتفاهمون بها ومن خلالها ويستقرون بمكان / مكانات فيه / فيها الحد الادنى من المتطلبات الغذائية والامنية . وهذاسيستدعي الحاجة لنوع من (التنظيم والادارة) لتحديد الواجبات والمسؤوليات حسب الطاقات والقدرات والرغبات والاعمار

و4-ويظهرالامير/ الاميرة والشيخ / الشيخة والزعيم/ الزعيمة والقائد/ القائدة اما بقوة العضلات والشجاعة واما بالعلم والحكمه اوالورع والتقيه والوعي اوالتئامروالخداع والجنس

 و5-ويطول عمرهذه  القرية /المدينة الدولة وتتطوروتنمو وتتوسع سلما اوحربا كلما كان فيها امراء وقادة حكماء وعقلاء يسيسونها بنوع من التعقل والحكمة بالتشاوروالتفاهم مع من لديهم القدرة على ابداء الرءاي والمشورة والخبرات والتخصصت المختلفة .والا ستنهاروتخضع للاخرين الاقربين والابعدين الذين لديهم طاقات وقدرات عقلية وتقنية اقوى واكبر

و5- كما يظهربالقرية / المدينة / رجال ونساء مستغلين وجشعين ومستبدين ويقابلهم رجال ونساء مصلحون عقلا ومنطقا يدعون لقيم مثالية وروحية يسمونها معتقدات واديان

و6- كما تظهرعند اخرين ارائا واجتهادات تطويرية وابداعية زراعية وصناعية وحرفية ومهنيه وادارية وخدمية..فتظهربمرور الزمن تراكمات من تراثهم واثارهم تسمى (حضارة ) ..اي الناس المستقرين بمناطق معينة وتحكمهم قواعدا وتقاليدا واعرافا ودستوروقوانين تختلف عن قرية اومدينة  تحكمها جماعه مستبدة وطاغية ودكتاتورية ومستغلة وفاسدة .اي كلما كانت المدينة والدولة اكثرعدلا تسمى (المدينة والدولة الفاضلة )وبعكسه تسمى دكتاتورية واستبدادية وتكون اقل استقرار وامنا

-و7- كما ان معظم (الشعوب القديمة ) تركت انماطا معينة من التراث .فالسومريون بمدينة اور بجنوب العراق ابدعوامنذ عام 2500قم ببناء مدينتهم / دولتهم ومعبدهم (زقورتهم )وفن الكتابة المسمارية ومثلهم عمل المصريون هيروغليفيتهم والفينيقوين في صوروصيدة وبيلوس ابجديتهم التي لا زالت تستعمل بمختلف اللغات. كما ظهرت صنعة ووظيفة (الكاتب اوعارض الحال )لان التعليم كان حكرا على فئات محددة مرتبطة بالكهنة ورجال الدين والسياسة .كما ابدع السومريون ادوات واساليب الزراعة النيرية والاروائية وخزن الحبوب ومثلهم الفراعنة  وظهربمدينة اورالفيلسوف الموحدي (ابراهيم وزوجته السومرية سارة ) مثلما ظهربمصرعبادة الالاه امون  كماابدع العموريون ببابل بالتشريعات والقوانين التي كان اهمها قانون حمورابي لها 1760قم الذي يعتبراحد اهم مصادرالتشريعات العالمية ..كما ان مدينة اثينية اليونانية انتجت نظاما سياسيا سمته (الدمقراطية )غيرانه كان نظاما ناقصا لانه اقتصرعلى الرجال من اهل اثينة ومنع نساءهم والمقيمين عندهم من مدن اخرى ثم طوره لحدما الرومان ثم اخذت به بعض الشعوب باوربة ومنها انكلترة منذ عام 1258م ثم الولايات المتحدة منذ عام 1776 وفرنسه منذ عام 1789

و8-ان الفكرالماركسي الذي ظهر بالمانية وبريطانية لم يكن اول فكراقتصادي وسياسي بالعالم وانه هوالاخرلا يزال فكرا ناقصا لانه كان متطرفا بموقفه من الاديان لاتهامها بانها مخدرة للشعوب .كما انه اعتبر العمال هم المعنييين اولا بالاصلاح متناسيا الفلاحيين الذين تبناهم الفكرالماوي ومتناسيا بانه لكي يكون هناك طبقة عاملة لا بد من تظافرعدة عوامل ( رئاسمال واستقرارسياسي لا يملكها العمال وحدهم) مما ادى لفشل كل التجارب الماركسية التي بدئات عام 1917 بروسية وببعض دول اوربة الشرقية التي استمرت بالخضوع بالقوة للهيمنة الروسية اللينية والستالينية حتى عام 1990 حيث صارت الافكار الشيوعية محجمة وغريبة بينما تتطورت (الانظمة الرئاسمالية المحكومة بقوانين وتشريعات)بالصين وفيتنام والمانية وبريطانية وفرنسه والسويد والنرويج والدانيمارك وفنلدة وغيرها

و9-ان الولايات المتحدة الامريكية ليست من بين اقدم الدول بل انها من بين الدول الحديثة التكوين نسبيا حيث تحررت من سيدتها بريطانية عام 1776 بثلاثة عشر مقاطعة ثم توسعت تدريجيا من خلال حروبها ضد المكسيك التي اقتطعت منها عدة مقاطعات ثم اقتطعت من كندة البريطانية مقاطعات اخرى ثم اشترت من روسية مقاطعة الاسكة فصارت مساحتها 9 ملايين كم لتكون رابع دولة بالمساحة بعد روسية وكندة والصين وتظم خمسين ولاية تتمتع جميعها بلا مركزية واسعة ..كما ان شعوبها تقل كثيرا جدا عن شعوب الصين والهند وتتكون اكثرمن خمسين قومية من دول القارات الثلاثة .وعشرات الاديان . غيرانها صارت منذ عام 1850 اي باقل من قرن اقوى دولة صناعية بالعالم ولربما الاكثردمقراطية لانها شعوبها المختلفة ساعدتها وجمعتها ووحدتها الحريات الواسعة والارادات الصادقة والمخلصة   

 و10-ان تجربة (الوحدة الاوربية )التي بدئات عام 1958 بستة دول وصارت حتى الان تظم 28 دولة اوربية من اصل 44 دولة وشكلوا (برلمانا موحدا) فيه كل نائب يمثل مليون مواطنا ومعظمهم اتخذوا (عملة واحدة )ووحدة التنقل للمواطنيهم وزائريهم بحيث صارت الدول المشاركة بما يسمى (اتفاقية شنكن) كائنها مقاطعات لدولة كبيرة تجمعهم الجغرافية والدين بمختلف مذاههبهم وتفرقهم اللغات وهي تجربة حضارية رائدة وقابلة للتوسع 

-و11- كما ان الدول التي يطلق عليها (عربية )وهي غير ايران وتركية واندونيسية ونيجيرية والبانية وبقية الدول الاسلامية بالقارات الثلاثة بل هي ال 22 الاعضاء بالجامعة العربية ( ماعدى جزر القمر ) ومساحتها 17 مليون كمم افرواسيوية متداخلة تقريبا من الناحية الجغرافية ونفوسها 450 مليون فيهم /85 من الناطقين بالعربية و /95ممن يعتنقون الاسلام بمذاهبه المختلفه فهم يشكلون كتلة بشرية وحضارية قديمة ولكنها تنتقص لارادات سياسية مخلصة ولشعوب اكثرتعلما واكثر اهتماما بالشؤون العامة لانه لا يجوزولا يصح ان تترك الامور بين يدي مجموعة من الحكام الذين يدعون بانهم يحكمون بئاسم الله اوورثوا الارض وما عليها ..بل عليهم (طوعا اوكرها )ان يشاركوا شعوبهم للنهوض بمجتمعاتهم ..والا فان التحلف والراجع والخراب سيزداد اكثرمما هوعليه الان حيث ان كل الدول الاعضاء بالجامعة العربية النفطية وغيرالنفطية والجمهورية والملكية خاضعة وتابعة سياسيا واقتصاديا وفكريا لعدة دول بعضها كانت خصما لهم منذ قرون وتساند خصومهم وخاصة دولة اسرائيل التي خلقت وصنعت لتكون قاعدة عسكرية دائمة ايرو امريكة ضد اي نهوض تقدمي وتحرري واصلاحي باية دولة عربية

و12-من هنا يصبح دورالمصلحين والتقدميين (العرب المسلمين والعرب غيرالمسلمين ومنهم العرب الاقباط والعرب الصابئة والعرب الكلدان والعرب الاشوريين والعرب السريان والعرب اليهود ومنهم خاصة السفارديين والسامريين)وكذلك غيرالعرب القاطنين بهذه الدول الذين بعظهم تواجدوا قبل العرب المسلمين فيها ومنهم الاكراد والارمن والتركما والقوى السياسية القومية والاسلامية والوطنية ان تعي وتدرك بانها امام مسؤوليات وطنية للعمل على اجراء اصلاحات دستورية تقر(مبدئا المواطنة) دون التمييز بين امرئة ورجل وبين قومية واخرى وبين دين واخر وتقر(مبدئا العلمانية )اي فصل الدولة كمؤسسة خدمية وانتاجية وعن الاديان كقيم روحية واخلاقية تساهم (ان ارادات واستطاعت )ان تساهم بشكل غيرمباشر بتطويروتوعية المجتمعات وتقرمبادئ التعددية السياسية والدمقراطية البرلمانية وحكم الاغلبية والحريات العامة والخاصة بما فيها حريات اختيار الاديان والاتجاهات السياسية ..والا فسنبقى نداس تحت اقدام من اتبع وطبق هذه القيم الحضارية والانسانية التي هي ليست ملكا ولا حكرا على شعب ودين ..فهذه اليابان البوذية والهند الهندوسية وبريطانية الانكليكانية وفرنسة ذات الغالبية الكاثوليكية وايطالية مقرالفاتيكان بل واسرائيل اليهودية تطبق كلها وبنسب متفاوتة القيم الدمقراطيه التي اخذت ببعضها ماليزية واندونيسية وتركية والبانية والبوسنة والهرسك وكوسوفو ولحدما ايران

حسن الزيدي 28 كانون اول 2015           ا   

د

ء

  -