مرور ٥٠ عاما على أحداث إسقاط ديكول الذي انتقد غطرسة اليهود

وجهة نظر مرور ٥٠ عاما على (احداث مايس وحزيران ١٩٦٨ التي أسقطت ديكول) ،أنها مؤامره سياسيه وليست ثوره اصلاحيه)..لان الجنرال ديكولة لايزال يتمجد اليمينيون واليساريون به لنزاهته وثقافته وعزوفه عن التسلط..فديكول مواليد ١٨٩٠ كان ضابطا نشطا ومؤلفا وشارك بالحرب العالميه الأولى. عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في أيلول ١٩٣٩ اجتاحت القوات الالمانيه بلاده فى٢١ يومامما اضطر الرئيس الاشتراكي( البير لبرون) آخر رؤساء الجمهوريه الثالثه التي تشكلت عام١٨٧٠ للهرب مع رئيس وزرائه كماليات الهروب لجنوب غرب فرنسه مما اضطر المارشال بيتان أن يعلن استسلام بلاده فيما تمكن ديكول وعدد من المسؤولين لان يهرب بطائره عسكريه بريطانية ارسلها له تشرشل لانه أراد ان يقدمه على انه يمثل المقاومه الفرنسيه من الخارج عل امل تخفيف الضغط الذي يمارسه هتلر على بريطانية التي كانت تجاربه وحدها قبل أن ينظم لها عام١٩٤٢ ستالين و.في اليوم الثاني لوصوله اي في ١٨ حزيران ١٩٤٠ طلب منه تشرشل أن يعد بيانا مع بعض المستشارين الإنكليز ليكون بيانا قصيرا ومؤثرا يدعو الشعب الفرنسي للمقاومة وبثه من إذاعة ال بي بي سي.ولا يزال يعتبر اهم وثيقه فرنسيه عن المقاومه ويدرس في كثير من المدارس الفرنسيه..بين ١٩٤٦/١٩٤٤ صار ديكول اول رئيس لاول حكومه فرنسيه بعد التحرير.. بين ١٩٥٧/١٩٤٦ترك السلطه حيث تشكلت الجمهوريه الرابعة التي حكم فيها رئيسان اشتراكيان هما( فانسان اوريول) بين ١٩٥٤/١٩٤٧ الذي بدأ بعده تقسم فلسطين وميلاد دوله اسرائيل في ١٥ مايس ١٩٤٨ و(ريني كونتي) حكم بين ١٩٥٨/١٩٥٤ وبعهده بدئت حرب فيتنام وحرب التحرير الجزائرية عام ١٩٥٤والعدوان الثاني على مصر عام ١٩٥٦ مما صارت فيه فرنسه تعيش أوضاعها داخليه معقده..لذلك صار ديكول من وجهة نظر كثير من الفرنسيين الرجل المنقذ .غير أنه لم يقبل أن يكون رئيسا للوزراء لدى الرئيس كونتي لانه اقترح مسروع دستور جديد تم الاستفتاء عليه في تشرين ١٩٥٨ يعطي لرئيس الجمهوريه صلاحيات أوسع من البر لمان لانه سيتم انتخابه من الشعب ويحق له الا بعين رئيس الوزراء من الأغلبية البرلمانية وحل البرلمان وصلاحيات أخرى للطوارئ. فكانت( الجمهوريه الخامسة) التي لا زالت قائمه حتى الان .في عام ١٩٦٠ منح من طرف واحد استقلال أحد عشر دوله افريقيه كما أقام عام ١٩٦١ علاقات مع الصين الشعبيه حيث التقى بالرئيس ماو تسيتونغ في بكين في عام ١٩٦١ سحب بلاده من حلف الأطلسي الذي نقل مقره من باريس إلى بروكسل.في عام ١٩٦٢ رغم معارضة كل القوى اليمينيه وذوي الاحذيه السوداء والعسكر الذين تمردوا عليه دخل بمفاوضات شجاعه مع جبهة التحرير الجزائرية انتهت باتفاق ٥ تموز ١٩٦٢ لاستقلال الجزائر بعد١٣٠ عام من الاستعمار..في الثاني من حزيران ١٩٦٧ استقبل الملك السعودي فيصل وجرى بينهما حديثا مطولا حول موقف العرب من اسرائيل طلب بعدها من رئيس وزاره (بومبيو) بأن يجمد تجهيز صفقة طائرات الميراج التي اشترتها اسرائيل..في ٥ حزيران١٩٦٧ اي بعد ثلاثة أيام من زيارة فيصل آل سعود لفرنسه حصلت ما تسمى حرب الأيام الخمسة التي انتصرت فيها إسرائيل على المقاومه الفلسطينيه وعلى جيوش جيرانها الأردن من الشرق وسوريه من الشمال الشرقي ومصر من الجنوب.فقال ديكول بأن إسرائيل تبالغ في غطرستها باستعمال القوه وان اليهود شعب مغرور.مما توجهت كثير من الأقلام والسهام الصهيونية والماسونيه ومن الاشتراكيين برئاسة (متران)الذي كان الخصم الأول لديكول لانه فشل مرتين تجاهه في الانتخابات وكذلك (جورج مارشيه حليف متران) في مطلع عام ١٩٦٨ كانت حرب فيتنام مستعره والتمييز العنصري في جنوب افريقيه قائما وحرب التحرير الجزائرية باتساع.في ٩ شباط ١٩٦٨ قام الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف بزياره لفرنسه ووقع مع ديكول عدة اتفاقيات منها( اتفاقيه ايراب) التي منحت فرنسه امتيازات نفطيه خاصه الامر الذي صار ديكول من وجهة نظر دولة اسرائيل والاشتراكيين المتصهينين بانه (مؤيدا للعرب.ولذلك يجب إسقاطه)..بين ٣ مايس و١٦ حزيران ١٩٦٨ جرت مظاهرات طلابيه في جامعة السوربون في باريس قادها الاشتراكيون بقيادة متران الخصم اللدود لديكول وكذلك الشيوعيين بقيادة جورج مارشيه رئيس الحزب الشيوعي وطالبوا بالمزيد من الحريات التي منها حق الإجهاض وتشريع العلاقات الاثنيه.في٦ مايس صار الألماني اليهودي الاصل الطالب في جامعة نانتير وهو(Daniel Cohen Bendit) القائد الأول للمظاهرات والمسؤول الاول عن استقالة ديكول علما بأنه لم يحصل على الجنسيه الفرنسيه الا عام عام ٢٠١٥ أي أن دوره يشبه دور يهودي آخر اسمه(Bernard Henry levy)الذي أسقط القذافي عام ٢٠١١. علما بان نقابات عمالية انظمت لإضراب الطلبه مما يعني بان المظاهرات لم تكن لامهنيه ولا ثقافيه بل سياسيه .ففي ٢٧ مايس ١٩٦٧وافق ديكول على دخول حكومة بومبيو بمفاوضات مع ممثلي العمال الذين شاركوا باضراب الطلبه ووقع وإياهم على (اتفاقية كرونيل) التي منحتهم مزيدا من الامتيازات الماليه والمهنيه ومع ذلك لم ينهون إضرابهم فصار واضحا لديكول بأن رئاسه هو المطلوب حيث قال ( نعم الإصلاح.كلا للفوضى) فقرر في ٣٠ مايس ١٩٦٨حل البرلمان الذي كان ذي غالبية يسارية وجائت الانتخابات الجديدة لصالحه مما يعني بأن غالبية الرءاي العام معه.حيث خرجت مظاهرات حاشده في شارع الشانزليزيه مساندته له مما خلق جوا مقعدا في باريس حيث وجود معارضين ومساندين في الشوارع الفرنسيه غير انه لشجاعته ونزاهته وعزوفه عن السلطه وعدم استعداده الخصوع للضغوطات فقرر مغادرة باريس لقريته في شمال فرنسه ومنها أعلن في٢٨ حزيران ١٩٦٨ استقالته ولم يعد لباريس حيث توفي في ٩ تشرين الثاني ١٩٧٠ في قريته بعد أن أوصى بأنه لا يريد جنازة رسميه لانه كان يشعر بالمرارة والخذلان..علما بأن سقوطه لم يظمن مجيئ متران بل خلفه جورج بومبيدوثم جسكار دستان قبل أن يأتي عام ١٩٨١ متران الذي حكم ١٤ عاما كانت سنوات عجاف بالنسبه للعرب وربيع لإسرائيل....علما بأن ديكول وليس متران لا يزال يعتبر رمزا وطنيا لغالبية المواطنين الفرنسيين.د المؤرخ والدبلوماسي السابق حسن الزيدي